(فأخرج) على صيغة المتكلم من الخروج، أي: أخرج من دار ربي، (فأخرجهم من النار) استشكل بأن أول الحديث كان في الاستشفاع للإراحة من الموقف، وآخره على أنه لإخراجهم من النار، وتوجيهه أن يقال: لعل المؤمنين كانوا فريقين: فريق يشار به إلى النار من غير توقف، وفريق حُبِسوا في المحشر، فذكر أولًا شفاعتهم ثم بين شفاعة الآخرين، والشفاعة أقسام كما ذكرنا في أول الباب، فذكر منها القسمان وتركت الأقسام الأخر، ففي الكلام اختصار القول، هكذا ذكروا.
ويمكن أن يقال: إن المراد إخراجهم من النار التي استحقوا دخولها، فإن آخر أمر العصاة أن يدخلوا النار، فأزال عنهم هذه البلية بالشفاعة لهم في أول الأمر، فلم يدخلوا، وهو المراد بإخراجهم من النار، لا الإخراج منها بعد دخولها بالفعل، وهذا كما يقال: أخرجه من هذه الورطة بأن فعل به ما لم يوجب دخوله فيها، وأما القول بأنّ المراد بالنار: شدة الحر من دنو الشمس، وبالإخراج الخلاص منها فبعيد، (قال) أي: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففي قوله:(نبيكم) وضع المظهر موضع المضمر، أو قال الراوي فهو على ظاهره.
وقوله:(بثناء وتحميد يعلمنيه) يحتمل أن يكون هذا التحميد هو التحميد السابق أو غيره، ويؤيده قوله في الحديث الآخر: و (يلهمني محامد فأحمد بتلك المحامد)، واللَّه أعلم.