للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ أَتَاهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: . . . . .

ــ

بالدم، وفي حديث إسلام أبي ذر: (كأني نصب أحمر) يريد: أنهم ضربوه حتى أدموه، فصار كالنصب المحمر بدم الذبائح، وقد عطف على الأصنام، فإن كان النصب أحجارًا فالعطف ظاهر، وإن كان معبودًا فتفسيري، وفي (شرح جامع الأصول) (١): الأنصاب: أحجار، وقيل: أصنام، وفي (القاموس) (٢): هو بضمتين: ما عُبِدَ من دون اللَّه، وقول الطيبي (٣): هي حجارة كانت تنصب وتعبد من دون اللَّه، ويذبحون عليها تقربًا إلى آلهتهم، جمع بين المعنيين، وإشارة إلى أن نصبهم الحجارة والذبح عليها ليس إلا لاعتقاد معبوديتها.

وقوله: (أتاهم رب العالمين) أي: أمره، أو تجلى وتقرب، أو أتاه ملك من ملائكته، وقالوا: إن الرؤية التي هي ثواب المؤمنين في الجنة غير هذه الرؤية المذكورة، وهذه امتحان من اللَّه تعالى، فيقع بها التمييز بين من عبد اللَّه وبين من عبد الطواغيت، ليتبع كل من الفريقين معبوده، والآخرة وإن كانت دار جزاء فقد يقع فيها الامتحان، كما أن الدنيا دار امتحان وقد يقع فيها الجزاء، قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠] بدليل أن القبر هو أول منزل من منازل الآخرة يجري فيه الابتلاء، ولقد أشبع الطيبي (٤) الكلام في هذا المقام بما لا مزيد عليه نقلًا عن بعض شراح الحديث فلينظر ثمة.


(١) "جامع الأصول" (٢/ ٤١٣).
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ١٤٠).
(٣) "شرح الطيبي" (١٠/ ٢٠١).
(٤) "شرح الطيبي" (١٠/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>