للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً فِي الْحَقِّ -قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ- مِنَ الْمُؤْمِنِينَ للَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِي النَّارِ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا، وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: . . . . .

ــ

وقوله: (يقولون: ربنا) بيان للمناشدة.

وقوله: (ما من أحد منكم بأشد مناشدة في الحق -قد تبين لكم- من المؤمنين يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار) لا بد من بيان إعراب هذا التركيب، فقوله: (بأشد) خبر (ما)، و (مناشدة) أي: مطالبة ومساءلة تمييز، (وفي الحق) ظرف للمناشدة، و (قد تبين) صفة لـ (الحق) لكونه في المعنى كالنكرة، أي: حق تبين وظهر لكم ثبوته على خصمكم، أو حال وإنما قيد بهذا؛ لأنه تكون المناشدة والمطالبة فيه أكثر وأشد، و (من المؤمنين) متعلق (بأشد) تعلق (من) التفضيلية باسم التفضيل، وهو من قبيل وضع المظهر موضع المضمر والظاهر منكم، كذا قال الطيبي (١)، ولو أريد بالمخاطبين في (منكم): الحاضرون في الدنيا، وبـ (المؤمنين) في (من المؤمنين): المؤمنون المناشدون للَّه تعالى الشافعون في الآخرة لم يكن من وضع المظهر، بل هذا أوضح وأظهر في المعنى.

نعم الظاهر (منهم) برجوع الضمير إلى (المؤمنين) المذكورين قبل، فلو قيل: إنه من وضع المظهر موضع المضمر بهذا الاعتبار لكان له وجه، فافهم، والمعنى أن المؤمنين الذين خرجوا من النار أشد مناشدة للَّه تعالى وأكثر مطالبة وسؤالًا منه لإخراج المؤمنين الذين بقوا في النار بمعاصيهم من القوم الذين يناشدون في الحق الصريح الذي تبين ثبوته على خصمائهم، فإن هؤلاء يناشدون ويطالبون الحق غاية جهدهم،


(١) "شرح الطيبي" (١٠/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>