للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا. . . . .

ــ

له، ويحتمل أن يكون توطية ومدحًا وتحسينًا لطلبه ولمطلوبه.

وقوله: (من سلك طريقًا. . . إلخ) سبق شرحه (١) في الفصل الأول من حديث أبي هريرة غير أن الباء في (به) ههنا للتعدية، والضمير لـ (من)، وقال الطيبي (٢): يجوز أن يكون الباء للسببية، والضمير للعلم، ويكون (سلك) من السلك كما أنه على الأول من السلوك، والمفعول محذوف كقوله: {يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن: ١٧]، انتهى. فـ (سلك) يجيء لازمًا ومتعديًا، وهذا كما أن رجع يجيء لازمًا من الرجوع ومتعديًا من الرجع.

وقوله: (إن الملائكة لتضع أجنحتها) يحتمل أنه أراد به تليين الجانب والانقياد والفيء عليه بالرحمة والانعطاف، كقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: ٢٤]، ويحتمل أن يكون المراد منه فرش الأجنحة تواضعًا لطلاب العلم حيث يبذل سعيه في ابتغاء مرضات اللَّه سيما إذا وجدت سائر أحواله مشاكلة لطلب العلم (٣).


(١) تحت حديث (٢٠٤).
(٢) "شرح الطيبي" (١/ ٣٧١).
(٣) قال القاري: أَوِ الْمُرَادُ حَقِيقَتُهُ وَإِنْ لَمْ تُشَاهَدْ، وَهِيَ فَرْشُ الْجَنَاحِ وَبَسْطُهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ لِتَحْمِلَهُ عَلَيْهَا وَتُبَلِّغَهُ مَقْعَدَهُ مِنَ الْبِلَادِ، نَقَلَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ بِالْبَصْرَةِ فَحَدَّثَنَا هَذَا الْحَدِيثَ، وَفِي الْمَجْلِسِ شَخْصٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فَجَعَلَ يَسْتَهْزِئُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَطْرُقَنَّ غَدًا نَعْلِي وَأَطَأُ بِهَا أَجْنِحَةَ الْمَلَائِكَةِ فَفَعَلَ وَمَشَى فِي النَّعْلَيْنِ فَحَفَتْ رِجْلَاهُ وَوَقَعَتْ فِيهِمَا الأَكَلَةُ. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ يَحْيَى السَّاجِيَّ يَقُولُ: كُنَّا نَمْشِي فِي أَزِقَّةِ الْبَصْرَةِ إِلَى بَابِ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ فَأَسْرَعْنَا الْمَشْيَ، وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ =

<<  <  ج: ص:  >  >>