وقوله:(إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر) قالوا: المقصود بيان أن كل نبي أعطي من المعجزات، وأيد بما إذا شوهد آمن به من شاهده من البشر، واضطر من الإيمان به؛ إذ لا بد لمن ادعى النبوة من ذلك حتى يظهر صدقه، والمراد (بمثله) ما كان على صفته في الإعجاز والدلالة على صدق النبي. وقوله:(عليه) لتضمين معنى الاطلاع، أي: آمن به مطلعًا عليه واقفًا عليه، أو معنى القهر والغلبة، أي: مغلوبًا عليه في التحدي والمباراة.
ثم أشار إلى مزية ما أعطيه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الآيات أي: معظمها، وقال:(وإنما كان الذي أوتيت وحيًا) أوحاه اللَّه تعالى، يعني القرآن العظيم الذي هو معجزة عظيمة يبقى ببقاء الدهور ويرشد العالمين إلى طريق الحق واليقين، ويكون شاهد صدق على نبوة سيد المرسلين إلى يوم القيامة، ولهذا قال:(فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة)، فإن قلت: قد أوحي إلى الأنبياء كلهم؟ قلت: ولكن لم يكن وحيهم معجزة، هذا وقد قيل في معنى الحديث: إن كل نبي أعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء، وأما معجزتي العظيمة الظاهرة مما لم يعط أحد مثله، ولهذا أكون أكثرهم تبعًا، وهذا المعنى لعله يكون أقرب وأظهر بالنظر إلى ظاهر العبارة، ولكن التقرير الأول أجود، وعليه أكثر الشارحين، واللَّه أعلم.