للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحِرْزًا للاُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيّئَةِ السَّيِّئَةَ،

ــ

قواعدهم وخصصوها كما ذكرنا في مواضعها، واللَّه أعلم.

وقوله: (حرزًا للأميين) الحرز بكسر الحاء وسكون الراء المهملتين آخره زاء: العوذة والموضع الحصين، والمراد بالأميين: العرب؛ لأن الغالب فيهم عدم القراءة والكتابة، أو لأنهم منسوبون إلى أم القرى، وهي اسم مكة، والتخصيص بهم لبعثته -صلى اللَّه عليه وسلم- فيهم، وتحصنهم به عن سطوة العجم، وإن أريد التحصن عن غوائل الشيطان وآفات النفس فهو شامل للناس كلهم، وقيل: يجوز أن يكون حفظ قومه من الاستئصال أو من العذاب ما دام فيهم كقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: ٣٣].

وقوله: (ليس بفظ) حال من (المتوكل) أو من الكاف ففيه التفات، وهذا مذكور في القرآن بقوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} إلى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩]، والفظ بالفتح: الغليظ الجانب، السيء الخلق، القاسي الخشن الكلام، كذا في (القاموس) (١).

و(السخب) بالسين والصاد محركة: شدة الصوت، سخب كفرح، فهو سخاب وسخوب وسخبان، أي: لا يرفع الصوت على الناس بسوء خلقه، ولا يكثر الصياح بل يرفق بهم، وإنما قال: (في الأسواق)؛ لأن السخب يكون فيها غالبًا، والسخاب في معنى (الفظ) فنفيه نفيه فهو أيضًا مذكور في القرآن.

وقوله: (لا يدفع بالسيئة السيئة) أي: لا يسيء لمن أساء إليه في حق نفسه، وهو


(١) "القاموس" (ص: ٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>