للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: لَا بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَكَانَ مُسْتَدِيرًا،

ــ

الكث: الكثيف، ورجل كث اللحية كثيفها، ولحية كثة وكثاء، وقوم كُثّ بالضم، ويأتي في (الفصل الثاني): (ضخم الرأس واللحية).

وقوله: (لا بل كان مثل الشمس والقمر) أي: كان مثل الشمس في نهاية البهجة والإشراق، ومثل القمر في الحسن والملاحة، شبه الرجل وجهه المبارك بالسيف في الحسن والبريق واللمعان، والسيف قد يوصف بالحسن، ولما كان هذا التشبيه ناقصًا قال جابر: لم يكن مثل السيف بل مثل الشمس، فيكون التشبيه جامعًا بين الصفتين: البريق والميل إلى الاستدارة، والأبهة والجلالة.

وقد وقع في حديث الترمذي من البراء بن عازب: لا بل مثل القمر، وفي حديث كعب بن مالك: كأن وجهه قطعة قمر، وقد قيل في حديث البراء: معناه لم يكن مثل السيف، بل لم يكن مثل القمر أيضًا، بل كان أحسن منه، ويؤيده ما جاء في (الفصل الثاني) من حديث جابر بن سمرة: فإذا هو عندي أحسن من القمر، وأما فيما نحن فيه لا يمكن إجراء هذا المعنى لقوله: بل كان مثل الشمس والقمر، ويأتي في حديث أبي هريرة: كأن الشمس تجري في وجهه.

وقوله: (وكان مستديرًا) فيه تأكيد لنفي التشبيه بالسيف وإثباته بالشمس والقمر، ولكنه ليس المراد بالاستدارة مثل ما في الشمس والقمر؛ لأنه لم يكن مكلثمًا كما يجيء، بل المراد أنه كان فيه شيء من التدوير مع طول، ولم يكن طويلًا كل الطول، كما هو اللائق بحال الحسن والجمال، وقد ورد أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا سُرّ فكأنّ وجهه المرآة، وكان الجدر تلاحك وجهه، والملاحكة: شدة الملائمة، أي: يرى شخص الجدر في وجهه، وفي حديث ابن لأبي هالة: يتلألأ وجهه تلالأ القمر ليلة البدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>