لمن لا يستحقه من المعاصي الشديدة، وبالكثرة يصير كبيرة، واتفقوا على تحريمه لمعين مسلمًا كان أو كافرًا، ولا يحرم لموصوف كلعن آكل الربا والظالمين والكافرين، ومن انتمى إلى غير أبيه أو آوى محدثًا.
وقد وقع في الحديث:(إنما أنا بشر فأي المسلمين سببته ولعنته فاجعل ذلك رحمة)(١)، أو كما قال، وهذا مقيد بأنه ليس من أهل اللعنة، كما صرح به في بعض الروايات، وإنما لعنه لظاهر حالة الموجب للّعن، ولم يكن كذلك عند اللَّه تعالى، أو يكون مما جرت به العادة بدون قصد الدعاء، نحو: تربت يداك، وقد لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعض من استحقه خصوصًا وعمومًا، لكن ينبغي أن يعلم أن اللعن على نوعين: أحدهما: الطرد والإبعاد من رحمة اللَّه تعالى ودخول الجنة، وهو الموجب للعذاب، وهو مخصوص بالكفار، وثانيهما: الطرد عن نيل درجة السابقين ودخول الجنة معهم، ولا يختص هذا بالكفار، وبهذا التحقيق تنحل كثير من الإشكالات كما لا يخفى على المتتبعين، فإن قلت: بناء فعّال للتكثير أو للمبالغة، فنفيه لا يستلزم نفي أصل الفحش واللعن والسب؟ قلت: لما كانت هذه الفعال ممن هو متصف بها تقع بطريق الكثرة والمبالغة نفى على ذلك الطريق، فافهم. و (المعتبة) بفتح الميم وسكون المهملة وكسر المثناة، ويجوز فتحها بعدها باء، مصدر عتب كالمظلمة من ظلم.
وقوله:(ما له ترب جبينه؟ ) على نحو: تربت يداه ورغم أنفه، وذلك دعاء عليه بالذل والمسكنة مع احتمال الدعاء له أيضًا بمعنى سجد للَّه وجهه.