للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ،

ــ

أكرم على اللَّه منه) (١) أنه قد ركبه قبل ذلك بعض الأنبياء، وسمعت من مولانا الشيخ العارف باللَّه سيدي الشيخ عبد الوهاب المتقي أن لكل نبي براقًا على حسب رتبته كما أن لكل منهم حوضًا يوم القيامة كذلك، وفي كلام أهل التأويل أن البراق مثال لنفسه الشريفة -صلى اللَّه عليه وسلم-، والنفس مركب الروح وسبب لوصوله إلى المقام الأعلى، ولذلك كان يجمح كما هو خاصية النفس فاطمأنت، ومن هذا الكلام يظهر أن يكون هذا البراق مخصوصًا به -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه أعلم.

فإن قلت: هل يقال للبراق فرس؟ قلت: سمعت الشيخ رحمة اللَّه عليه أنه [قال]: إنما يقال له: براق، لا فرس ولا غيره.

وقوله: (يضع خطوه عند أقصى طرفه) بفتح وسكون، أي: يضع رجله عند منتهى بصره، واستدل بعضهم بهذا أنه يكون قطعه الأرض إلى السماء في خطوة واحدة؛ لأن بصر الذي في الأرض يقع على السماء فبلغ أعلى السماوات في سبع خطوات، وجاء في بعض الروايات: (فركبتها، إن تركتها سارت وإن حركتها طارت).

وقوله: (فحملت) بلفظ المجهول إشارة إلى أن الركوب بمحض إعانة اللَّه وقدرته، ويمكن أن يقال: إن الحامل والواسط كان هو جبرئيل بقوة ملكوته ولا بعد في ذلك، فإن جبرئيل كانت واسطة في وصول الفيض والوحي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا نوع من الخدمة يفعلها خدام الملوك، فإن جبرئيل عليه السلام كان في هذه الليلة خادم دولته وحامل غاشيته، وجاء في رواية: (كان الذي أمسك بركابه جبرئيل، وبزمام البراق ميكائيل) (٢)،


(١) أخرجه الترمذي في "سننه" (٣١٣١).
(٢) انظر: "شرف المصطفى" لأبي سعد عبد الملك النيسابوري (ت: ٤٠٦ هـ) (٢/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>