للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ أُعِيدَ" -وَفِي رِوَايَةٍ: "ثُمَّ غُسِلَ الْبَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً- ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ يُقَالُ لَهُ: الْبُرَاقُ،

ــ

وقيل: ملئ بالقلب ظرفه، وهو الجلد الرقيق الذي يكون القلب فيه، وهذا المعنى لا يخلو عن بعد وتكلف، والأظهر الأنسب هو الأول.

وقيل: الحكمة في تفريج سقف البيت ونزول الملك منه وعدم دخوله من الباب أن الملك انصب من السماء انصبابة واحدة، ولم يعرج على شيء سواه مبالغة في المفاجأة، وتنبيها على أن الطلب وقع على غير ميعاد كما كان لموسى -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقيل: يحتمل أن يكون توطئة وتمهيدًا لتفريج صدره، فأراه الملك بإفراجه عن السقف ثم التئامه على الفور كيفية ما يصنع به لطفًا به وتثبيتًا لبصره، واللَّه أعلم.

وقوله: (ثم أتيت بدابة) وهذا على ما جرت به عادة الملوك أنهم إذا استدعوا من يخص بهم بعثوا إليه بمركوب شيء يحمله عليه في وفادته عليه، وقيل: الحكمة في كون البراق دابة دون البغل وفوق الحمار، ولم يكن على شكل الفرس إشارة إلى أن الركوب كان في سلم وأمن دون حرب وخوف.

وقوله: (يقال له: البراق) سمي به لسرعة سيره كالبرق، وقيل: هو من البريق بمعنى اللعمان، وقيل: لكونه ذا لونين، يقال: شاة برقاء إذا كان في خلال صوفها الأبيض طاقات سود، ويحتمل أن لا يكون مشتقًا، كذا في (المواهب) (١).

وجاء في رواية: أنه قال جبرئيل: يا محمد اركبه، فإنه البراق الذي ركبه إبراهيم، وفي بعض الروايات: الأنبياء، وركبه سائر الأنبياء، وفي صحة هذه الروايات كلام، نعم يفهم من ظاهر قول جبرئيل للبراق كما جاء في حديث أنس: (فما ركبك أحد


(١) "المواهب اللدنية" (٣/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>