لنقصان أجره عليه السلام، لأن لكل نبي مثل أجر من اتبعه.
وقيل: ذلك محمول على الرقة لقومه والشفقة عليهم حيث لم ينتفعوا بمتابعته انتفاع هذه الأمة بمتابعة نبيهم، ولم يبلغ سوادهم مبلغ سوادهم، فإن اللَّه تعالى قد جعل في قلوب أنبيائه عليهم السلام الرأفة والرحمة لأمتهم، وقد أخذوا من رحمة اللَّه تعالى أوفر نصيب، وكانت الرحمة في قلوبهم لعباد اللَّه تعالى أكثر من غيرهم، وقد بكى نبينا نبي الرحمة -صلى اللَّه عليه وسلم-. فقيل: أنت تبكي يا رسول اللَّه! قال: (هذه رحمة، وإنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء)، فلأجل ذلك بكى موسى عليه السلام رحمة لأمته؛ لأن هذا وقت أفضال وجود وكرم، لعل اللَّه يرحم أمته ببركة هذه الساعة، وقد قيل: إن غرض موسى إدخال السرور على نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه أكثر أتباعًا، وأن أمته أكثر ممن يدخل الجنة من أمتي، وأمة موسى كانت كثيرًا، وأما قوله:(لأن غلامًا بعث بعدي) فليس على سبيل التنقيص ولم يرد به استصغار شأنه، بل على سبيل التنويه والتعظيم لقدرة اللَّه سبحانه وعظم كرمه بإعطاء ما كان في ذلك السن ما لم يعط أحدًا قبله ممن كان أسن منه، والمراد استقصار مدته مع استكثار فضائله واستتمام سواد أمته، وقد يطلق الغلام ويراد به القوي الطري الشاب، ولهذا كان أهل المدينة يسمونه حين هاجر إليهم شابًا وأبا بكر مع أنه أصغر سنًا منه شيخًا.
وقال الشيخ (١): ويظهر لي أن موسى عليه السلام أشار بهذا اللفظ إلى استمرار قوة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- في الكهولة إلى أن دخل في أول الشيخوخة، ولم يدخل على بدنه هرم ولا اعترى قوته نقص كأنه شاب إلى الآن.