للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ ثم قَالَ: مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى،

ــ

وقوله: (مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح) اعلم أن الأنبياء كلهم وصفوه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالصلاح، ويعلم منه أن الصلاح مرتبة رفيعة عظيمة، وقد وصف اللَّه تعالى في كتابه المجيد أنبياء صلوات اللَّه عليهم بذلك، فقال: {كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأنعام: ٨٥]، {وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} [الأنبياء: ٧٢]، والصلاح ضد الفساد، ويتضمن الاتصاف بجميع ما يصلح القلب ويجعله صالحًا لما يقصد به من الكمالات والصفات الجميلة.

وقوله: (ثم رفعت إلى) الأكثر بضم الراء وسكون العين وضم التاء بضمير المتكلم وبعده (إلى) للانتهاء. وللكشميهني: (رفعت لي) بفتح العين وسكون التاء وبعده لام الجر داخلة على ياء المتكلم، أي: رفعت السدرة لي، أي: من أجلي، والرفع تقريب الشيء، وقد فسر قوله تعالى: {سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ} [الغاشية: ١٣] بموضوعة بعضها على بعض وبمقربة لهم، فمعناه على الأول رقيت وقربت إليه، وعلى الثاني أظهرت السدرة ورئيت لي، والسدر: شجرة النبق، والواحدة بهاء، وإنما سميت سدرة المنتهى؛ لأن علم الملائكة ومقامهم ينتهي إليها، ولم يجاوزها أحد إلا نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولأنه ينتهي إليها ما يعرج من الأرض من الأعمال فيقبض منها، ومن هناك ينزل الأمر وتتلقى الأحكام، وعندها تقف الحفظة وغيرهم، ولا يتعدونها فكانت منتهى.

وقال بعض العلماء: اختيرت السدرة دون غيرها من الأشجار؛ لأن فيها ثلاثة أصناف: ظل مديد، وطعم لذيذ، ورائحة زكية، فكانت بمنزلة الإيمان الذي يجمع القول والعمل والنية، فالظل بمنزلة العمل، والطعم بمنزلة النية، والرائحة بمنزلة القول،

<<  <  ج: ص:  >  >>