للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثُمَّ عُرَجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلَامِ"، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ، حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً. . . . .

ــ

وقوله: (ظهرت) بلفظ المتكلم المعلوم من الظهور، والمراد صعدت وعلوت، و (المستوى) بفتح الواو محل الاستواء، والمراد به المصعد، قال التُّورِبِشْتِي (١): المستوى على مثال الملتقى: المستقر، وموضع الاستعلاء من الاستواء بمعنى الصعود والقصد، يقال: استوى إليه: قصد كالسهم المرسل إذا قصده قصدًا مستويًا من غير أن يلوي على شيء، وأصل الاستواء طلب السواء، وإطلاقه على الاعتدال لما فيه من تسوية وضع الأجزاء، كذا في (تفسير البيضاوي) (٢) في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: ٢٩]، واللام في قوله: (لمستوى) بمعنى إلى، وقيل: للعلة، أي: علوت وصعدت لاستعلاء مستوى أو لرؤيته أو لمطالعته صريف الأقلام، أي: صوت جريانها بما تكتبه من أقضية اللَّه ووحيه، وما ينسخونه من اللوح المحفوظ، أو ما شاء اللَّه أن يكتب ما أراد من أموره وتدبيره بأقلام لا يعلم كيفتها إلا هو، وقد يأولها المتفلسفة بتأويلات تخرجها عن الظاهر، والأقوم اعتقاد ظاهرها وإحالة حقيقتها إلى علم اللَّه سبحانه، واللَّه أعلم. نعم يجعل ذلك كناية عن الاطلاع على الكوائن، وتدبير اللَّه في خلقه، لكن الكناية لا يمنع إرادة الموضوع له، فافهم.


(١) "كتاب الميسر" (٤/ ١٢٧٦).
(٢) "تفسير البيضاوي" (١/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>