وقيل: كان فيه تعريض باستخلافه، ومنع من أن يتمناها غيره، وسدّ باب مقالته، إذ كان ذلك في آخر خطبة خطبها، وقيل: هذا هو المعنى المتعيِّن إذ لم يصح أن الصديق كان له منزل بجنب مسجده -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما كان منزله بالسُّنح من عوالي المدينة، ولهذا مهّد هذا المعنى بقوله:(ولو كنت متخذًا خليلًا) أي: صاحبًا يعتمد عليه في الأمور.
والتحقيق أنه كان له -رضي اللَّه عنه- في جوار المسجد الشريف منزل ومنزل آخر في عوالي المدينة فيه مسكنه، وكان له منازل متعددة بتعدد الزوجات، وجاء في بعض الروايات أنه لما أمر -صلى اللَّه عليه وسلم- بسدّ الأبواب والخوخات إلا خوخة أبي بكر تكلم الناس في ذلك، قالوا: أمر بفتح باب صديق وسد أبواب سائر الصحابة، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إني ما فعلت ذلك من عند نفسي وإنما فعلت بأمر اللَّه تعالى)، وروي: أن عمر -رضي اللَّه عنه- سأل أن يترك في جدار بيته كوة ينظر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين يخرج للصلاة إلى المسجد فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا ولو كان روزنةً مثل سُمِّ الخِيَاط).
ثم اعلم أن الحافظ ابن حجر العسقلاني قال في شرح (صحيح البخاري)(١): إنه قد جاء في هذا الباب أحاديث بطرق متعددة تخالف بظاهرها الحديث المذكور في باب أبي بكر، منها حديث سعد بن أبي وقاص قال: أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بسد الأبواب التي كانت إلى المسجد إلا باب علي، أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قوي، وأخرج الطبراني في (الأوسط) بنقل الثقات: أن الصحابة اجتمعوا وقالوا: يا رسول اللَّه! أمرت بسدّ أبواب الأصحاب وفتحت باب علي؟ قال: (لا سددت أنا ولا فتحت بل اللَّه تعالى سدّ