وفي (فصل الخطاب من كتاب الأنساب) للإمام عبد الكريم بن محمد السمعاني رحمه اللَّه في ترجمة الهروي: أبو الصلت عبد السلام بن صالح بن سليمان الهروي، مولى عبد الرحمن بن سمرة، أدرك حماد بن زيد ومالك بن أنس وسفيان بن عيينه وغيرهم، وكان صاحب قشافة وزهد، قدم مرو أيام المأمون، فلما سمع كلامه جعله من الخاصة من إخوانه، وكان أبو الصلت يرد على أهل الاهواء من المرجئة، والجهمية، والزنادقة، والقدرية، وكان يعرف بالتشيع، وقال أحمد بن سيار المروزي: ناظرته فلم أره يُفْرِط، ورأيته يقدم أبا بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما-، وكان لا يذكر أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بالجميل، وكان يقول: هذا مذهبي الذي أدين اللَّه به. وقال يحيى بن معين: أبو الصلت ثقة صدوق إلا أنه يتشيع. وقال أبو عبد الرحمن النسائي: أبو الصلت ليس بثقة. توفي أبو الصلت في شوال سنة ست وثلاثين ومئتين.
وأيضًا في (الأنساب)(١): قال أبو حاتم بن حبان: وهو الذي روى عن أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت من قبل الباب)، وهذا شيءٌ لا أصل له، ليس من حديث ابن عباس ولا مجاهد ولا الأعمش ولا أبو معاوية حدث به، وكل من حدث بهذا المتن فإنه سرقه من أبي الصلت هذا، انتهى كلام (فصل الخطاب)، وفيه الطعن في الحديث فقط، لكن الكلام الجامع من مهرة الفن ما ذكرناه قبل، ولعل ذلك هو الصواب، ولكن لا يقتضي ذلك الحصر في هذا الباب، وهذا باب خاص ومخصوص بدخول العلم، فقد جاء:(أقضاكم علي) ولكل من الخيرات والمبرات والأنوار والأسرار