والناصر، وعلي -رضي اللَّه عنه- سيدنا وحبيبنا وناصرنا، على أن كون المولى بمعنى الإمام لم يعهد لغة ولا شرعًا، ولم يذكر أحد من أئمة اللغة أن مَفْعلًا يأتي بمعنى أفعل، ويقال: هو أولى من كذا، دون: مولى من كذا، وأولى الرجلين دون مولاهما، فالغرض من التنصيص على موالاته الاجتناب من بغضه؛ لأن التنصيص عليه أوفى بمزيد شرفه، وصدَّره بـ (ألست أولى بكم من أنفسكم) ليكون أثبت على قبولهم إياه، وكذا بالدعاء له لأجل ذلك أيضًا، ويرشد لما ذكرناه حثه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذه الخطبة على أهل بيته عمومًا وعلى علي خصوصًا، كما جاء عند الطبراني وغيره بسند صحيح، وأيضًا سبب ذلك كما نقله الحافظ شمس الدين الجزري عن ابن إسحاق: أن عليًا تكلم فيه بعض من كان معه في اليمن، فلما قضى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حجه خطبها تنبيهًا على قدره وردًّا على من تكلم فيه كبريدة، كما ذكر في (صحيح البخاري) أنه كان يبغضه، وذكر الذهبي وصححه (١): أنه خرج معه إلى اليمن فرأى منه جفوة فنقصه للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعل يتغير وجهه ويقول:(يا بريدة! ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) قلت: بلى يا رسول اللَّه، قال:(من كنت مولاه فعلي مولاه)، سلمنا أنه أولى، لكن لانسلِّم أن المراد أنه أولى بالإمامة بل بالاتباع والقرب منه فهو كقوله تعالى:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ}[آل عمران: ٦٨] ولا قاطع ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال، بل هو الواقع، إذ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر، وناهيك بهما في فهم الحديث، فإنهما لما سمعاه قالا له: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة، أخرجه الدارقطني. وأخرج أيضًا أنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئًا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: إنه مولاي،