سلمنا أولى بالإمامة، فالمراد المآل وإلا لكان هو الإمام مع وجوده -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا تعرض فيه لوقت المآل، فكان المراد حين يوجد عقد البيعة له، فلا ينافي حينئذ تقديم الأئمة الثلاثة عليه، لانعقاد الإجماع حتى من عليٍّ فيه، للأخبار المصرِّحة بإبامة أبي بكر بعده -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكيف كان نصًا على إمامته ولم يَحتجَّ به ولا العباس ولا غيرهما وقت الحاجة إليه، وإنما احتج به علي في خلافته، فسكوته عن الإفصاح إلى أيام خلافته قاض بأنه علم منه أنه لا نص فيه على خلافته عقب وفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، على أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- صرح بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم ينص عليه ولا على غيره، كما جاء في الأخبار الصحيحة.
وفي (صحيح البخاري) وغيره خروج علي والعباس من عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، الحديث، ولو كان حديث (من كنت مولاه) نصًا في إمامة علي لم يحتج هو والعباس إلى مراجعته -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولما قال العباس: فإن كان هذا الأمر فينا علمناه، مع قرب العهد جدًا بيوم الغدير نحو الشهرين، وتجويز النسيان على سائر الصحابة السامعين بخبر يوم الغدير وسترهم لذلك مع وجود العلم مُحالٌ عادي، [يجزم العاقل بأدنى بديهته بأنه لم يقع منهم نسيان ولا تفريط] وأنهم كانوا حال بيعتهم لأبي بكر متذكرين لذلك الحديث عالمين [به وبمعناه]، على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب بعد يوم الغدير وأعلن بحق أبي بكر وعمر، وقال لهما:(لا يتأمر عليكما أحد بعدي)، أخرجه ابن سعد عن بسطام بن أسلم، وقد ثبت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما حث على مودة أهل بيته ومحبتهم واتباعهم، وشتان ما بينهما وبين مقام الخلافة.
وزعم الشيعة والرافضة بأن الصحابة علموا هذا النص، ولم ينقادوا له عنادًا ومكابرة وظلمًا، وإنما تركه عليٌّ تقيةً، وهذا كذب وافتراء لأنه كان في منعةٍ من قومه