مع كثرتهم وشجاعتهم، وإذا احتج أبو بكر بخبر:(الأئمة من قريش)، فكيف سلَّموا له هذا الاستدلال؟ ولأي شيء لم يقولوا له: ورد النص على إمامة عليٍّ فكيف تحتج بمثل هذا العموم؟
وقد أخرج البيهقي عن أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه- أنه قال: أصل عقيدة الشيعة تضليل الصحابة، والرافضة يقولون بتكفيرهم؛ لأنهم غاندوا بترك النص على إمامة علي -رضي اللَّه عنهم- أجمعين.
وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: إن فيما ذهبت إليه الرافضة مما ذكر إبطالًا للإسلام رأسًا؛ لأنه إذا أمكن اجتماعهم على كتم النصوص أمكن منهم نقل الكذب والتواطؤ عليه لغرض، فيمكن أن سائر ما فعلوه من الأحاديث زور وباطل.
وأيضًا ما المانع من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في خطبته السابقة يوم الغدير: هذا الخليفة بعدي، فعدوله إلى ما سبق من قوله:(من كنت مولاه) إلى آخره ظاهر في عدم إرادة ذلك، وقد أخرج أبو نعيم عن الحسن المثنى بن الحسين السبط أنه لما قيل له ذلك -أي: خبر (من كنت مولاه) نص في إمامة علي- فقال: أما واللَّه لو كان يعني به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك الإمارة والسلطان لأفصح لهم به، فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أفصح الناس للمسلمين، ولقال لهم: يا أيها الناس هذا ولي أمري والقائم عليكم بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، فواللَّه لئن كان اللَّه ورسوله اختارا عليًّا لهذا الأمر، والقيام به للمسلمين من بعده، ثم ترك علي أمر اللَّه ورسوله أن يقوم به أو يُعْذِر فيه إلى المسلمين، إن كان أعظم الناس خطيئةً لعليٌّ، إذ ترك أمر اللَّه ورسوله وحاشاه من ذلك، وقد بينتُ بالدلائل الصحيحة أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم ينص على خلافة أحد، ثبت ذلك من كلام علي -رضي اللَّه عنه-، والكلام في هذا المقام