في آخره باء موحدة يجيء بمعنى النذر والموت، ويقال: قضى نحبه، أي: مات، وقد فسر قوله تعالى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}[الأحزاب: ٢٣] بالمعنيين، فمعنى النذر يكون المراد: منهم مَن وفي نذره فيما عاهد اللَّه عليه من الصدق في مواطن القتال والنصرة لرسوله، وقد كان جماعة من الصحابة كعثمان بن عفان ومصعب بن عمير وطلحة وسعيد وغيرهم نذروا إذا لقوا حربًا ثبتوا حتى يُستشهدوا، ومنهم من ينتظر أن يوفي نذره بذلك، وعلى الثاني: منهم من مات في سبيل اللَّه، ومنهم من ينتظر الموت.
وفي الحديث أيضًا يصح الحمل على المعنيين، أخبر أن طلحة وفي بنذره، أو أنه ممن ذاق الموت وإن كان حيًا، كما قيل: موتوا قبل أن تموتوا، وهذا المعنى أوفق بصدر الحديث، وبالرواية الأخرى: من سره أن ينظر إلى شهيد، وبحديث آخر عن أبي سعيد رواه ابن عساكر: كنا جلوسًا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فمر طلحة بن عبيد اللَّه فقال:(هذا شهيد يمشي على وجه الأرض)، وهذا يكون بالموت الاختياري الذي يحصل لأهل السلوك وأرباب الفناء، وإن احتمل في نظر أهل علم العربية أن يكون على سبيل المجاز باعتبار تسمية الشيء بما يَؤُول إليه، وقيل: معناه: ذاق طعم الموت في اللَّه وهو حي لما ذاق من الشدائد في سبيل اللَّه كأنه مات، وقيل: المراد بالموت الغيبوبة عن عالم الشهادة بالاستغراق في ذكر اللَّه وملكوته والانجذاب إلى جناب قدسه، وهذا يَؤُول إلى ما ذكرنا أولًا، فهذا هو نتيجة الموت الاختياري وحاصله.
٦١٢٣ - [١٦](علي) قوله: (جاراي في الجنة) بشارة لهما -رضي اللَّه عنهما- بالجنة مع زيادة