للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الجوامع) (١): عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: مررت بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد انصرف من صلاة الظهر وعَلَيَّ ثياب بيض، وهو يناجي دحية الكلبي فيما ظننت، وكان جبريلَ ولا أدري، فقال جبريل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا رسول اللَّه! هذا ابن عباس، أما إنه لو سلَّم علينا لرددنا عليه، أما إنه شديد وضح الثياب، ولتلبسنَّ ذريته من بعده السواد، فلما عرج جبريل وانصرف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (ما منعك أن تسلم إذ مررت آنفا؟ ) قلت: يا رسول اللَّه! مررت بك وأنت تناجي دحية الكلبي فكرهت أن أقطع نجواكما بردكما علي السلام، قال: ([لقد أثبتَّ النظر] ذلك جبريل)، الحديث، ورواه ابن عساكر، وذكر الترمذي أنه رأى جبرئيل مرتين، كذا في (جامع الأصول) (٢).

وأقول: كان جبرئيل يأتي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صورة دحية، وكان أصحابه يرونه يحسبون أنه دحية، فما وجه تخصيص ابن عباس بذلك؟ فلعله رآه في عالم الملكوت متمثلًا بصورة دحية جالسًا عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مناجيًا إياه، ورؤية الصحابة كان في عالم الناسوت، فهذا وجه تخصيص ابن عباس برؤية جبرئيل دون غيره من الصحابة، ويدل عليه ما جاء في رواية ابن النجار عن ابن عباس قال: دخلت أنا وأبي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما خرجنا من عنده قلت لأبي: ما رأيتَ الرجل الذي كان مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ما رأيتُ رجلًا أحسن وجهًا منه، فقال لي: هو كان أحسن وجهًا أم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قلت: هو، وما جاء في آخر حديث ميمون بن مهران المذكور أنه قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ذلك جبرئيل، وليس أحد رآه غير نبي إلا ذهب بصره، وبصرك ذاهب، وهو مردود عليك يوم وفاتك)، فلما


(١) انظر: "جامع الأحاديث" (٣٩١٢٩)، و"كنز العمال" (٣٧١٩٠).
(٢) "جامع الأصول" (٩/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>