مات ابن عباس وأدرج في أكفانه انقض طائر أبيض فأتى بين أكفانه وطلب فلم يوجد، فقال عكرمة مولى ابن عباس: أحمقى أنتم؟ هذا بصره الذي وعده رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يرد عليه يوم وفاته، فلما أتوا به القبر ووضع في لحده تُلُقِّيَ بكلمة سمعها من كان على شفير القبر: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} الآية [الفجر: ٢٧ - ٢٨].
وقوله:(دعا له مرتين) أحدهما ما مرّ من حديثه: ضمني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى صدره فقال:(اللهم علمه الحكمة، أو علمه الكتاب)، وثانيهما أيضًا حديثه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل الخلاء فوضعت له وضوءًا، فلما خرج قال:(من وضع هذا الماء؟ ) فأخبره، فقال:(اللهم فقِّهه في الدين)، وكلا الحديثين مرّ في، (الفصل الأول)، ويحتمل أن يكون إحدى المرتين حين بات في بيت ميمونة فقام بالليل، وثانيهما ما دعا له لولد العباس في الحديث المذكور آنفًا، والحديثان السابقان كلاهما يكون مرة واحدة في بيتوتته بتعدد الروايتين، واللَّه أعلم.
٦١٦٠ - [٢٦](وعنه) قوله: (أن يؤتيني اللَّه الحكمة مرتين) هذا الحديث ظاهر في أن المراد بالدعاء مرتين هو ما ذكر في الحديثين السابقين؛ لأن في دعاء ولد العباس ليس ذكر الحكمة والفقه صريحًا.