في راحته حين أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتزوجني، بأن المراد أن صورتها كانت في الخرقة، والخرقة في راحته، ويحتمل أن يكون نزل بالكيفيتين، لقولها في نفس الخبر: نزل مرتين، انتهى.
قلت: قد وقع في هذا الحديث (ثلاث ليال)، فلا بد من وجه الجمع، أو حمل مرتين على معنى التكرار، واللَّه أعلم.
ثم الظاهر أنها كانت في السرقة، والتصاوير إنما حرمت بعد النبوة بل بعد القدوم بالمدينة، وأيضًا حرمتُها إنما كانت في هذا العالم لا في ذلك العالم، كما ورد في حديث شقِّ قلبه -صلى اللَّه عليه وسلم- وغسله في طست من ذهب.
وقوله:(فكشفت عن وجهك الثوب) يحمل على معنيين: أحدهما: عن وجه صورتك التي في السرقة فإذا أنت الآن تلك الصورة، وثانيهما: عن وجهك عند مشاهدتك فإذا أنت مثل الصورة التي رأيتها في المنام، وهذا تشبيه حذفت أداته للمبالغة.
وقوله:(إن يكن هذا من عند اللَّه يمضه) قيل: هذا الشرط لتقرير الوقوع بقوله المتحقق بثبوت الأمر وصحته، كقول السلطان لمن تحت يده: إن أكن سلطانًا انتقمت منك، ونقل الطيبي (١) عن القاضي عياض: إن كانت هذه الرؤيا قبل النبوة فلا إشكال في الشك، وإن كان بعدها فالشك في أن: هل هذه الرؤيا محمولة على ظاهرها أو لها تعبيرٌ يصرفها عن ظاهرها؟ والمراد زوجته في الدنيا أو في الآخرة؟ أو ما ذكره من