بأن اللَّه تعالى جعل أرواحهم في جوف طير خضر، فقد أحيا ذلك الطير بتلك الأرواح فصح الإحياء، وقيل: أراد بالإحياء إعطاء زيادة قوة لروحه، فشاهَدَ الحقَّ بتلك القوة وكلمه كفاحًا، وهذا الجواب أحسن وإن كان فيه مجاز لأن الأول يعم الشهداء كلهم فما وجه التخصيص؟
وأقول: إن الشهداء أحياء بالحياة المعنوية، فلعله أُحْيي بحياة حسية دنيوية تكريمًا له كما للأنبياء، ثم أبقي على تلك الحياة، أو أميت بعد ذلك، لكن الكلام يبقى في قوله تعالى:{أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}[غافر: ١١]، وقد علم في أوائل الكتاب في (باب إثبات عذاب القبر)، والمراد بقوله:(تحييني): ترسلني وترجعني إلى الدنيا، كما يدل قوله:(أنهم لا يرجعون).
وقوله:(كفاحًا) كافح فلانًا: واجهه، كفحه يكفحه: كشف عنه غطاءه، أي: كلمه ليس بينهما حجاب ولا رسول، وقوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} الآية [الشورى: ٥١] مخصوص بهذا العالم.
٦٢٤٧ - [٥٢](وعنه) قوله: (خمسًا وعشرين مرة) لا يعرف أن هذا العدد كان في مجلس واحد أو كان في أوقات متعددة، وهذا هو الأظهر.