ونقل عن النووي: أنه قال: لا مانع من حمله على الحقيقة لأن من قوي في شيء نسب إليه، وهكذا كان حال الوافدين منهم لقوله:(جاءكم أهل اليمن وهم أرق أفئدة. . . إلخ)، مع أنه لا ينفي الإيمان عن غيرهم، ولا ينبغي كونه حجازيًّا، وإنما ينبيء عن استعداد اليمن لقبول ذلك واستقرار أمرهم عليه، ثم المراد الموجودون منهم حينئذ، لا كلهم في كل زمان، ثم في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (والإيمان يمان والحكمة يمانية) إشارة إلى ما جاء في الأحاديث الصحيحة أنه لما جاء أهل اليمن، ووفد منهم أبو موسى الأشعري في جماعة من رفقاء، فقالوا: يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتيناك للتفقه في الدين ونسألك عن أول هذا الأمر كيف كان؟ قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (كان اللَّه ولم يكن معه شيء، وكان عرشه على الماء، ثم كتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض)، فسألوا عن أصول الدين الذي عليه مدار الإيمان، وهو يشمل على معرفة حقائق الأشياء التي هي معنى الحكمة، وسبق شرح الحديث في (باب بدء الخلق)، والتفصيل هناك أكثر، ولقد تكرر بعض المعاني والفوائد في مواضع متفرقة من هذا الشرح، ولا بأس، فإن الحوالة بالرجوع إلى ما ذكر ووجدانه بالفحص عن تلك المواضع عسير جدًّا، ولقد فعل بعض الشارحين كذلك خصوصًا الكرماني فاتبعناهم، وهو أسهل وأقرب.
وقوله:(والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل. . . إلخ) الفخر: المباهاة والمنافسة، قال في (القاموس)(١): الفخر والفخار بفتحهما: التمدح بالخصال، والخيلاء بضم المعجمة وفتح التحتانية ممدودًا: الكبر الناشئ عن تخيل الإنسان