فضيلة من نفسه والعجب به، فإذا أظهره على الغير واستحقره سمي تكبرًا، ومنه سمي الفرس خيلًا لأن أكثر من ركبه يقع في هذا الخيال، ووجد في نفسه شيئًا من ذلك، والحديث دل على أن مخالطة الحيوانات مما تؤثر في نفس الآدمي وتُعَدِّي إليها هيئاتٍ تناسب طباعها، فالراعي خلقه يناسب ما يرعاه، فلما كان في طبيعة الإبل قساوة وفظاظة، وفي الغنم لين وسكينة تعديا إلى راعيها، كذا قالوا، وقيل: لا بد لأصحاب الغنم من مقاربة العمرانات والاختلاط بأهلها، فإن الغنم لا تصبر عن الماء، ولا تحتمل البرد، فذلك يؤدي إلى عدم خروجهم عن طاعة الإمام، وأما أصحاب الإبل فإن بعدهم عن العمرانات، وكونهم في البوادي والصحاري، وقلة اختلاطهم بالخلق يحملهم على الطغيان والخروج عن الطاعة، هذا والظاهر أن المالية في الإبل كثيرة فيفضي إلى الفخر والتكبر بخلاف الغنم، وإن لفظ الأصحاب ليس أظهر في الرعاة منها في ملاكها، بل لا يبعد أن يكون في ملاكهم أظهر من الرعاة، واللَّه أعلم.
٦٢٦٨ - [٣](وعنه) قوله: (رأس الكفر نحو المشرق) أي: منه يظهر الكفر والفتن كالدجال ويأجوج ومأجوج وكفرة الترك، قال السيوطي: قال الباجي: يحتمل أن يريد فارس وأن يريد أهل نجد، وقال في (المشارق)(١): هذا كناية عن معظمه أو إشارة إلى معين مخصوص كالدجال ويأجوج ومأجوج أو غيره من رؤساء الضلال، أو يكون إشارة إلى إبليس لأن الشمس تطلع بين قرني الشيطان على أحد التأويلات، انتهى. أقول: وإليه ينظر الحديث الآتي في آخر الفصل، لكن على هذا ينبغي أن يحمل