للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "عَلَيْك بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ، يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيَرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِنْ غُدَرِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: ٤/ ١١٠، د: ٢٤٨٣].

ــ

وقيل: مجتمعة، كما في حديث: (الأرواح جنود مجندة)، و (الخيرة) بكسر الخاء وفتح الياء وقد تسكن، في (القاموس) (١): خار الشيء: انتقاه كتخيره، والاسم الخيرة بالكسر وكعنبة، وخار اللَّه في الأمر: جعل لك فيه الخير، وإذا أردت التفضيل، قلت: فلان خيرة الناس بالهاء.

وقوله: (فأما إن أبيتم) أي: امتنعتم ما اختاره اللَّه لكم من القصد إلى الشام، واخترتم بلادكم مسقط رأسكم، وأضاف اليمن إليهم لأن المخاطبين عرب واليمن من أرضهم، وهذا وقع معترضًا بين (عليك بالشام) وقوله: (واسقوا من غدركم) لأنه راجع إلى قوله: (عليك بالشام)، أي: لِيَسْبق كل من غديره الذي اختص به، فلا يزاحم غيره لا سيما أهل الثغور، لئلا يكون ذلك سببًا للاختلاف وتهيج الفتن، كذا قالوا، وأقول: أي دليل على تخصيص تعلقه بالشام؟ وظاهر العبارة أن يتعلق لقوله: (فعليكم بيمنكم) أو بالكل، وهذا حكم يشترك فيه الكل لاشتراك العلة، واللَّه أعلم. و (الغدر) بضمتين جمع غدير، وهو ما اجتمع من الماء يغادره السيل.

وقوله: (فإن اللَّه عزَّ وجلَّ توكل لي بالشام) قيل: هكذا في سائر نسخ (المصابيح)، والصواب: قد تكفل لي، وهذا إن كان من حيث الرواية فلا كلام، وإلا فالتوكل قد يراد به التكفل، فإن من توكل في شيء فقد تكفل القيام به، والمعنى أنه تعالى ضمن لي حفظها وحفظ أهلها من بأس الكفرة واستيلائهم.


(١) "القاموس" (ص: ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>