على يده، وجعفي أبو قبيلة من اليمن، وهو جعفي بن سعد والنسبة إليه كذلك، ولد يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومئة، وتوفي ليلة الفطر سنة ست وخمسين ومئتين، وعمره اثنتان وستون سنة إلا ثلاث عشر يومًا، ولم يعقب ولدًا ذكرًا، والبخاري الإمام في علم الحديث، رحل في طلب العلم إلى جميع محدثي الأمصار، وكتب بخراسان والجبال والعراق والحجاز والشام ومصر، وأخذ الحديث عن المشايخ الحفاظ منهم: مكي بن إبراهيم البلخي وعبيد اللَّه بن موسى العبسي وأبو عاصم الشيباني وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعبد اللَّه ابن الزبير الحميدي وغير هؤلاء من الأئمة، وأخذ عنه الحديث خلق كثير في كل بلدة حدث بها.
قال الفربري (١): سمع كتاب البخاري منه تسعون ألف رجل، فما بقي أحد يروي عنه غيري، ورد على المشايخ وله إحدى عشرة سنة وطلب العلم وله عشر سنين.
قال البخاري: خرجت كتابي "الصحيح" من زهاء ست مئة ألف حديث، وما وضعت فيه حديثًا إلا صليت ركعتين، وقال: أحفظ مئة ألف حديث صحيح ومئتي ألف حديث غير صحيح، وجملة ما في كتابه "الصحيح" سبعة آلاف ومئتان وخمسة وسبعون حديثًا بالأحاديث المكررة، وقيل: إنها بإسقاط المكررة أربعة آلاف حديث، و"صحيح مسلم" أيضًا نحو أربعة آلاف حديث بإسقاط المكررة، وصنف الكتاب في ستة عشر سنة، وقدم البخاري بغداد فسمع به أصحاب الحديث واجتمعوا وعمدوا إلى مئة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد
(١) بفتح الفاء والراء وسكون الباء الموحدة وفي آخرها راء ثانية، هو أبو عبد اللَّه محمد بن يوسف الفربري راوية "صحيح البخاري" عنه. كذا في "الأنساب" (١٠/ ١٧٠)، وقال الحموي: فِرَبْر بكسر أوله، وقد فتحه بعضهم، بليدة بين جيحون وبخارى، "معجم البلدان" (٤/ ٢٤٥).