للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وتمسك الخصم بما روى الحاكم مسندًا والبخاري (١) معلقًا عن جابر بن عبد اللَّه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في غزوة الرقاع فرمي رجل بسهم، فنزفه الدم فركع وسجد، ومضى في صلاته. والجواب أنه إنما ينتهض حجة إذا ثبت اطلاع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على صلاة ذلك الرجل وتقريره له عليها.

وقال الخطابي (٢): ولست أدري كيف يصح الاستدلال به والدم إذا سال أصاب بدنه وربما أصاب ثيابه، ومع إصابة شيء من ذلك لا تصح صلاته؟ إلا أن يقال: إن الدم كان يجري من الجراح على سبيل الدفق حتى لم يصب شيئًا من ظاهر بدنه، ولإن كان كذلك فهو أمر عجيب، كذا ذكره الشُّمُنِّي، واحتج أيضًا بما روى الدارقطني (٣) من أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- احتجم وصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه، وقد ضعف هذا الحديث أيضًا.

ولنا أيضًا ما رواه ابن ماجه (٤) عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف وليتوضأ، ثم ليبن على صلاته ما لم يتكلم)، ورواه الدارقطني أيضًا، وقد تكلم في ابن عياش، وقد وثقه ابن معين، ونقل عن الشافعي رحمه اللَّه أنه قال: إنه بتقدير الصحة يحمل على غسل الدم لا وضوء الصلاة، ودفع بأنه غير صحيح وإلا لبطلت الصلاة، فلم يجز البناء، والكلام في هذا المقام طويل ذكره الشيخ ابن الهمام.


(١) "المستدرك" للحاكم (١/ ٢٥٨)، و"صحيح البخاري" (كتاب: ٤، باب: ٣٤).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١/ ٢٨١).
(٣) "سنن الدارقطني" (١/ ١٥١).
(٤) "سنن ابن ماجه" (١٢٢١)، و"سنن الدارقطني" (١/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>