للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رحمهم اللَّه، وكذلك يحيى بن معين من كبار الأئمة، ولما قالوا بصحبته ثبت المدعى، وعدم وقوف أهل بيته لا يقدح في ذلك، وأخرج ابن سعد حديثًا من جد طلحة في (باب المسح) بلفظ: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمسح هكذا، فثبت أن له صحبة، كذا قال الشيخ ابن الهمام.

وبالجملة قد علم أن فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- في غسل أعضاء الوضوء كان مختلفًا على ما هو عادته الشريفة المستمرة في السنن والمستحبات، وأيضًا كان عمله -صلى اللَّه عليه وسلم- في المضمضمة والاستنشاق وكيفيتهما أيضًا مختلفًا، ولهذا لم يذهب أحد من الأئمة بوجوب أحد الوجوه، وعند الإمام الأعظم أبي حنيفة -رضي اللَّه عنه- يجوز وصل المضمضة والاستنشاق وبغرفة واحدة كما نقل الشُّمُنِّي من (الفتاوى الظهيرية)، وكذا يجوز عند الشافعي الفصل بينهما بمياه جديدة. وروى الترمذي (١) عن الشافعي -رضي اللَّه عنه- أنه قال: جمع المضمضة والاستنشاق بكف واحد جائز، وفصلهما بمياه جديدة أحبّ إلي، فارتفع الاختلاف، واللَّه أعلم.

ولقد وقع شيء من الإطناب في الكلام في هذا المقام تحصيلًا للمقصود وتحقيقًا للمرام، ونتممه بذكر مسح الرأس والاختلاف فيه ليتم شرح الباب فنقول معتصمًا بتوفيق الملك الوهاب: اعلم أن أكثر الأحاديث في المسح جاءت مطلقة بلا تقييد بعدد، وجاءت مقيدة بمرة واحدة أيضًا، وهذه الأحاديث صحيحة، ووقع في رواية النسائي والترمذي وأبي داود مرتين أيضًا وسموها بالضعف، وأما تثليث المسح فلم يجئ في حديث صحيح سوى ما جاء في الحديث أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثًا ثلاثًا، والوضوء شامل للغسل والمسح.


(١) "سنن الترمذي" (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>