للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال الشافعي رحمه اللَّه بتثليث المسح بهذا الحديث وبقياس المسح على الغسل، وجوابه أن قوله: توضأ ثلاثًا ثلاثًا محتمل، والأحاديث الصحيحة التي جاءت في عدم تكرار المسح عين المراد به، وبين أن التثليث باعتبار الغالب من الأعضاء ومخصوص بالأعضاء المغسولة، وبناء المسح على التخفيف، فقياسه على الغسل وبناؤه على الإكمال والإسباغ قياس مع الفارق، وأيضًا تثليث المسح بماء جديد قد يفضي إلى الغسل الذي حقيقته جريان الماء، وهو خلاف وضع المسح، وأيضًا قد وقع في الحديث الذي ذكر فيه المسح مرة أن من زاد أو نقص أساء وتعدّى وظلم، فلا تكون الزيادة على مرة واحدة سنة.

وقال في (فتح الباري) (١): لم يجئ في طريق من الصحيحين ذكر عدد المسح، وعليه أكثر العلماء إلا الشافعي -رضي اللَّه عنه- يقول: بأن تثليث المسح مستحب، وقال أبو داود: أحاديث أمير المؤمنين عثمان -رضي اللَّه عنه- وهي صحاح الباب كلّها دالة على أن مسح الرأس مرة واحدة، وقد بالغ أبو عبيد وقال: لا أعلم أحدًا من السلف ذهب إلى استحباب التثليث في المسح إلا إبراهيم التيمي، ولكن في هذا القول نظر، لأن ابن أبي شيبة وابن المنذر حكاه عن أنس وعطاء وغيرهما، وصحح ابن خزيمة وغيره التثليث في حديث عثمان -رضي اللَّه عنه-، وزيادة الثقة مقبولة، انتهى.

وأورد في (جامع الأصول) (٢) من حديث عثمان -رضي اللَّه عنه- رواية ذكر فيها مسح الرأس ثلاثًا، ونقل الشيخ ابن الهمام (٣) عن البيهقي أنه قال: روي بوجوه غريبة تكرار المسح


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٢٩٨).
(٢) "جامع الأصول" (٨/ ٧٦).
(٣) "فتح القدير" (١/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>