للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ٢٤١].

ــ

وقوله: (ويل للأعقاب من النار) ويل كلمة يقولها كل مكروب، وأصلها الهلاك والعذاب، وقيل: شدة العذاب، وقيل: وادٍ في جهنم، ورواه ابن حبان (١) من حديث أبي سعيد، والأعقاب جمع عقب بفتح العين وكسر القاف: مؤخر القدم، يقال بالفارسية لها: باشنة، أي: لأصحاب الأعقاب اللائحة، واللام للعهد، وقيل: العقب يختص بالعذاب إذا قصر في غسلها، فلعلهم يعذبون في الأعقاب خاصة لأجل هذا التقصير.

وقوله: (أسبغوا الوضوء) أي: أكملوه وأتمّوه، ولا تتركوا جزءًا من أجزاء الأعضاء غير مغسول.

وقال بعض العلماء: المراد بالإسباغ ههنا إكمال الوضوء وإبلاغ الماء كل ظاهر أعضائه، وهذا فرض، والإسباغ الذي هو التثليث سنة، والإسباغ الذي هو التسييل هو شرط، والإسباغ الذي هو إكثار الماء من غير إسراف فضيلة، وبكل هذا يفسر الإسباغ باختلاف المقامات، ثم في هذا الحديث وأمثاله دليل على وجوب غسل الرجلين، وأن المسح لا يجزئ، وعليه جمهور الفقهاء في الأعصار والأمصار، وأنه لا يجب المسح مع الغسل كما هو مذهب الظاهرية، ولم يثبت خلاف هذا من أحد ممن يعتدّ به في الإجماع، والذين وصفوا وضوء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مواطن مختلفة وعلى صفات متعددة متفقون على غسله الرجلين، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ويل للأعقاب من النار) وعيد وتهديد عظيم لمن ينكر الغسل، فهو دليل الوجوب، وهذا الوعيد وقع في أحاديث كثيرة لا تحصى، كذا قال النووي (٢).

والكلام ههنا كثير نتحاشى من ذكره مخافة التطويل، لكن المقام جدير بذكره،


(١) "صحيح ابن حبان" (٦/ ٥٠٨، ح: ٧٤٦٧).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>