للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

علي (١) -رضي اللَّه عنه- أنه صلى الظهر، ثم قعد للناس على كرسيه، ثم أتي بماء فمسح بوجهه ويديه، ومسح برأسه ورجليه، وشرب فضله قائمًا ثم قال: إن ناسًا يزعمون أن هذا يكره، وإني رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصنع مثل ما صنعت، وهذا وضوء من لم يحدث، وسائر ما ورد في ذلك، فقد ذكر عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنهم كانوا يمسحون حتى أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بإسباغ الوضوء، فدل ذلك على أن حكم المسح الذي كانوا يفعلونه قد نسخه ما تأخر عنه، على أنه ليس في حديث علي -رضي اللَّه عنه- أن فرض الرجلين هو المسح؛ لأن فيه أنه قد مسح وجهه ويديه، وكان ذلك المسح غسلًا، فكذلك يحتمل أن يكون مسحه لرجليه أيضًا كذلك، يدل على ذلك ما ذكر من الروايات عنه -رضي اللَّه عنه-.

الطريق الثاني: التمسك بالإجماع، قال الإمام علاء الدين العالم رحمة اللَّه عليه في (تحفة الفقهاء) (٢): إن العلماء رحمهم اللَّه أجمعوا على وجوب غسل الرجلين إذا كانتا باديتين بعد وجوب الاختلاف فيه، والإجماع المتأخر يرفع الخلاف المتقدم، هذا، وقد قيل في مسائل أصول الفقه: المختار أن الإجماع الذي ندر مخالفته حجة؛ لأنه يدل على وجود راجح أو قاطع، إذ لو قيل: يكون متمسك المخالف النادر راجحًا، وأن الكثيرين لم يطلعوا عليه وخالفوه غلطًا أو عمدًا كان في غاية البُعد، لكن ذلك الإجماع لا يتناول الإجماع المعروف عند الأصوليين الذي يكفّر منكره، وأيضًا المخالف النادر إذا نشأ بعد الاتفاق فلا عبرة لمخالفته أصلًا، ثم إن مدار صحة هذا الطريق على الطريق الأول إذ لا بد للإجماع من سند، والسند ههنا هو السنة، ولا يلزم أن يكون السند قطعيًّا،


(١) "شرح معاني الآثار" (١٥١).
(٢) "تحفة الفقهاء" (١/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>