بل قد يكون ظنيًا كالقياس وخبر الواحد، ويصير بالإجماع عليهما قطعيًّا، وإن كان السند قطعيًّا كما فيما نحن فيه من السنة المشهورة المتواترة المعنى فهو أقوى وأحكم، والكلام في الإجماع وأقسامه كثير، فليقتصر على هذا المقدار.
الطريق الثالث: التمسك بالكتاب، بيانه أن نصب اللام في {أَرْجُلَكُمْ}[المائدة: ٦] قراءة شطر القراء السبعة الذين ثبتت قراءتهم بالتواتر كما حقق في موضعه، وهم نافع وابن عامر والكسائي وحفص راوي عاصم -رحمهم اللَّه-، والجر أيضًا قراءة شطر القراء السبعة وهم ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر راوي عاصم -رحمهم اللَّه-، فنصب اللام للعطف على المغسول، وإدخال الممسوح بين المغسولات إشارة إلى انتداب هذه الهيئة أو افتراضها، والعطف على المغسول هو ظاهر تلك القراءة، فلا يجوز ترك هذا الظاهر إلى العطف على محل الممسوح إلا بدليل؛ لأن العطف على المحل بمنزلة المجاز من الحقيقة مع أن العطف على المحل إنما يجوز عند عدم الالتباس، لا تقول: ضربت زيدًا ومررت بعمر وبكرًا، وأنت تريد عطف بكر على عمر محلًا، وخفض اللام للعطف على الممسوح وهو ظاهر تلك القراءة، لكنه يحتمل أن يكون العطف على الممسوح لفظًا فقط للجوار، والمعنى على العطف على المغسول ويسمى هذا جرّ الجوار، وهي كثيرة في لغة العرب وواقعة في القرآن وغيره.
وقد جعل أئمة النحو للعطف على الجوار بابًا وجوّزوا الجرّ للجوار مع العاطف وبدونه، وأخطأ من جعلها لغة رديئة غير فصيحة، ومما يدل على عدم كون الأرجل ممسوحة أن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة، فلما كان ظاهر قراءة النصب وهو العطف على المغسول معينًا للغسل، وظاهر قراءة الخفض محتملًا للغسل وجب الحمل المحتمل على المتعين دفعًا للتعارض، ونقل عن شيخ الإسلام خواهر زاده أنه إذا قيل