للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. [ت: ١٢].

ــ

وقال التُّورِبِشْتِي (١): قول ابن عباس: (الماء من الماء في الاحتلام) قول منه، قاله من طريق التأويل والاحتمال، ولو انتهى الحديث بطوله إليه؛ لم يكن ليأوله هذا التأويل، وذلك أن أبا سعيد الخدري قال: (خرجت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الاثنين إلى قباء، حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على باب عتبان، فصرخ به فخرج يجرّ إزاره، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أعجلنا الرجل)، فقال عتبان: يا رسول اللَّه! أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ماذا عليه؟ قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إنما الماء من الماء)، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم في كتابه (٢)، انتهى كلام التُّورِبِشْتِي.

وهذا كلام منه على ابن عباس -رضي اللَّه عنه- بأنه إنما يجري تأويله بحسب الظاهر على مجرد قوله: (الماء من الماء)، وهذا جزء من الحديث، وتمام الحديث يأبى عن هذا التأويل، ويمكن أن يقال: إن قول ابن عباس هذا ليس تأويلًا للحديث وإخراجًا له بهذا التأويل عن كونه منسوخًا، بل غرضه بيان حكم المسألة بعد العلم بكونه منسوخًا، وحاصله أن عمومه منسوخ، فيبقى حكمه في الاحتلام، وأورده محيي السنة لتأييد القول بالنسخ في الجملة، فافهم.

وأما قول المؤلف (رواه) أي: قول ابن عباس أنه في الاحتلام (الترمذي ولم أجده في الصحيحين) فلا يتم اعتراضًا على صاحب (المصابيح)؛ لأنه يمكن أن يكون ذكره هذا القول دفعًا للتعارض لا على أنه حديث من الصحاح ذكره في الباب.


(١) "كتاب الميسر" (١/ ١٥٠).
(٢) "صحيح مسلم" (٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>