ناشئةٍ من مقام الصدق واليقين، وأوصاني بالتزام الخلوة والاشتغال بعلم الدين، فرجعت بأمره إلى الوطن الأليف، والتزمت بتوفيق اللَّه خدمة هذا العلم الشريف، وأرجو من اللَّه ثبات القدم على طريق الجِدّ والاستقامة، ثم أسأل اللَّه العود إلى ذلك المقام، مقام الفضل والكرامة، والعكوف على باب كرمه وقبوله، والإقامة ببلد رسوله، داعيًا إلى اللَّه الوهاب بدعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي ببلد رسولك، إنه على كل شيء قدير، وبإجابة دعاء الراجين جدير.
وقد يَسَّرَ اللَّهُ سبحانه لهذا المسكين تواليفَ في أنواع علوم الدين، جعلها اللَّه بفضله مقبولةً، وبكرمه ورحمته ورضاه موصولةً، وإن كتاب (مشكاة المصابيح) للشيخ العالم العامل، والسالك الناسك، والوارع البارع، الفاضل الكامل، ولي الدين أبي عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه العمري الخطيب التبريزي، طَيَّب اللَّهُ ثراه، وجعل الجنةَ مثواه، كتابٌ طيبٌ مباركٌ، مصون عن الخلل والزلل، حافل شامل للأحاديث والآثار المتعلقة بالعلم والعمل، ولقد سعى -رحمه اللَّه- في ترتيبه وتهذيبه، وتنقيحه وتصحيحه، بما لا يُتصور المزيد على ذلك، ويكفي للطالب في حصول المطالب الدينية، وإدراك المقاصد الأخروية، ما يفوز من الفوائد فيما هنالك، شكر اللَّه سعيه وجزاه خيرًا.
فالتمس مني بعضُ أجلّة الأصحاب، وصَفْوَة الأحباب، أن أكتب لهم بالفارسية شرحًا (١) على ذلك الكتاب المستطاب، ليعمّ نفعُها الخواص والعوام، ويتيسر فهمُها بالكمال والتمام، فأجبتُ سُؤلَهم، وأسعفتُ مرامَهم ومأمولَهم، مع كون هذا الأمر الخطير محل الاعتذار والتقصير.