للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وروى الخمسة (١) إلا النسائي عن ابن عمر وأبي هريرة أن عمر -رضي اللَّه عنه- بينما هو يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل رجل من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من المهاجرين الأولين، وفي رواية أبي هريرة من رواية الأوزاعي: إذ دخل عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه-، فنادى عمر: آية ساعة هذه؟ فقال: إني شغلت اليوم فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد على أن توضأت، فقال عمر -رضي اللَّه عنه-: والوضوء أيضًا، وقد علمت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأمر بالغسل، وفي حديث أبي هريرة: ألم تسمعوا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: (إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)؟ .

وقال الشافعي رحمه اللَّه: ومما يدل على أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالغسل يوم الجمعة كان على الاختيار لا على الوجوب، وحديث عمر حيث قال لعثمان -رضي اللَّه عنهما-: والوضوء أيضًا، وقد علمت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بالغسل يوم الجمعة، فلو عَلِمَا أن أمره على الوجوب لا على الاختيار لم يترك عمر عثمان -رضي اللَّه عنهما- حتى كان يرده ويقول له: ارجع واغتسل، ولما خفي على عثمان -رضي اللَّه عنه- ذلك مع علمه، ولكن دلّ الحديث على أن الغسل يوم الجمعة فيه فضل من غير وجوب يجب على المرء ذلك.

وروى الترمذي عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (من توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة)، الحديث، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال محمد رحمه اللَّه في (الموطأ) (٢): الغسل أفضل يوم الجمعة [وليس بواجب]، وفي هذا آثار كثيرة، وبهذا تحقق أن صيغة الأمر ولفظ الوجوب في هذا الباب للندب


(١) "صحيح البخاري" (٨٧٨)، و"صحيح مسلم" (٨٤٥)، و"سنن أبي داود" (١١١٥)، و"سنن الترمذي" (٤٩٤)، و"سنن ابن ماجه" (١٠٨٨).
(٢) انظر: "التعليق الممجد" (١/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>