صلاة الصبح أو غربت وهو في صلاة العصر، لا تبطل صلاته، وهو قول أكثر أهل العلم.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن صلاة الصبح تفسد بطلوع الشمس، وصلاة العصر لا تبطل بغروب الشمس، وفرقوا بينهما بأن وقت الفجر كله كامل فإذا شرع فيها وجبت كاملة، فإذا طرأ النقصان لم يؤد كما وجب، بخلاف العصر فإن آخر وقته ناقص لأنه وقت كراهة، فإذا شرع فيها فقد وجب ناقصة، فإذا طرأ النقصان بالغروب فقد أدى كما وجب، وهذا إذا شرع في الوقت الناقص ظاهر، وأما إن شرع قبله فلأن للإنسان أن يستوعب وقت الصلاة لها فلا يمكن الاحتراز عنه.
وهذا الحديث وارد عليهم، والجواب: أنه قد وقع التعارض بين هذا الحديث وبين الأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة، فإنها تعم الفرض والنفل، وليست مخصوصة بالنفل كما زعمت الشافعية، وحكم التعارض بين الحديثين الرجوع إلى القياس، والقياس رجح حكم هذا الحديث في صلاة العصر، وحكمَ النهي في صلاة الفجر كما ذكرنا، وليست الأحاديث في النهي عن الثلاثة مخصوصة بالنفل كالنهي عن الصلاة بعد الفجر والعصر، كما زعمت الشافعية؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، فإن ذلك وقتها) أي: أوله، وبه يوفقون بين هذا الحديث وتلك الأحاديث؛ لأن التخصيص خلاف الظاهر، وظاهر الأحاديث النهي عن الفرائض والنوافل، وأيضًا لو كانت مخصوصة بالنفل لجاز قضاء الفوائت فيها ولا يجوز؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما فاتته صلاة الفجر ليلة التعريس انتظر في قضائها إلى أن ارتفعت الشمس، فلو جاز قضاء المكتوبة حال طلوع الشمس لما أخر بعد الانتباه، كذا قيل.
وقال السُّغْناقي (١): والآثار المروية في النهي عامة في جنس الصلاة. وقال بعض
(١) هو الحسين بن علي بن الحجاج بن علي، حسام الدين السغناقي، فقيه حنفي، المتوفى: =