للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ، ثُمَّ تُطْبَخُ، فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٥٥٩، م: ٦٣٧].

ــ

وقوله: (فتقسم) بالتاء والياء لكون التأنيث غير حقيقي، وكذا (ثم تطبخ) كذا قيل، و (قسم) بكسر القاف وفتح السين جمع قِسْم بالسكون، وفي إيراد (ثم) في الموضعين مبالغة في بيان الامتداد، وهذا الحديث إن سلم دلالته على أداء صلاة العصر يومئذ عند بلوغ الظل المثل فلعله كان يصلي في بعض الأحيان كذلك تعليمًا وتقريرًا، ودلالةُ (كان) على الدوام والاستمرار منظور فيه، واللَّه أعلم.

وروى الشيخ ابن الهمام أحاديث في تأخير العصر وقال (١): وعندي أنه لا تعارض بينها وبين ما روي في تعجيله من رافع بن خديج من نحر الجزور وتقسيمه عشر قسم، الحديثَ، فإنه إذا صلى العصر قبل تغير الشمس أمكن في الباقي إلى الغروب مثل هذا العمل، ومن يشاهد المَهَرة من الطباخين في الإسفار مع الرؤساء لم يستبعد ذلك، انتهى.

وحكي عن أحمد بن حنبل رحمه اللَّه أن الأفضل مع الصحو التأخير إلى الوقت المختار، وعندنا تأخير العصر مستحب إذا لم تتغير الشمس، والدليل عليه حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: (كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي العصر والشمس بيضاء نقية)، وهذا منه بيان تأخير العصر إلى عدم تغير الشمس، وقيل: سميت العصر لأنها تعصر، أي تؤخَّر، أو لأن الوقت يُعصر، وفي (القاموس) (٢): العصر العشي إلى احمرار الشمس، وقالوا: ولأن في تأخير العصر تكثير النوافل لكراهتها بعد العصر، ولهذا كان التعجيل في المغرب أفضل، لأن أداء النافلة قبلها مكروه، وتكثير النوافل أفضل من المبادرة إلى الأداء لأول الوقت، كذا قال السغناقي عن المبسوطين، ثم المعتبر هو تغير القرص، وهو أن يصير


(١) "فتح القدير" (١/ ٢٢٧).
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ٤١٠ - ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>