قال التُّورِبِشْتِي (١): ومن المفهوم الواضح أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يخصص هاتين الصلاتين بالمحافظة تسهيلًا للأمر في إضاعة غيرهما من الصلوات، أو ترخيصًا لتأخيرهما عن أوقاتهما، وإنما أمر بأدائهما في الوقت المختار والمحافظة عليهما في جماعة لما فيهما من الفضل والزيادة، فنبّه المكلفين على هذه المعاني بزيادة تأكيد، وقد علم -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه إذا حافظ عليهما مع ما في وقتيهما من الشواغل والقواطع لم يكن ليضيع غيرهما من الصلوات مع أن الأمر في إقامتها أيسر، انتهى. وهذا الكلام يومئ إلى أن المراد عدم المعاقبة لأجل ترك الصلوات لا جميع الذنوب كما ذكرنا أولًا، والعلم عند اللَّه.
٦٢٦ - [٣](أبو هريرة) قوله: (يتعاقبون) أي: يجيء طائفة عقب طائفة لرفع أعمال العباد، ويجتمعون في الصعود والنزول، وهو من باب {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}[الأنبياء: ٣] وفيه وجوه، أحدها: أن الواو حرفٌ علامةً على جمع الفاعل، لا ضمير كالتاء في فعلت، وثانيها: أن الاسم المظهر المذكور بدل منه، وثالثها: أنه خبر مقدم.
وقوله:(ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر) وهذا هو أحد وجوه فضل هاتين الصلاتين.
وقوله:(فيسألهم) أي: الذين باتوا فيكم، ظاهره يدل على أن المسؤول منهم ملائكة الليل، ويوجه تخصيصهم بأن الليل أفضل من النهار، فيكون ملائكته أفضل،