وقوله:(فإنها في كتاب اللَّه العشاء) علة للنهي، أي: اسمها في القرآن ذلك؛ لقوله تعالى:{وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}[النور: ٥٨]، ولا يليق العدول عما في كتاب اللَّه، (فإنها تعتم) تعليل لتسمية الأعراب العشاء عتمة، و (تُعْتَمُ) ضبط بلفظ المجهول والمعلوم من الإعتام، فعلى الأول الضمير لصلاة العشاء، وعلى الثاني للأعراب، والإعتام: الدخول في الظلام؛ لأنهم كانوا يحلبون الإبل بعد غيبوبة الشفق، والعتمة الظلمة، والمعنى: لا تسموا المغرب عشاء والعشاء عتمة على لسان أهل الجاهلية، فالنهي في الظاهر للأعراب، وفي الحقيقة للمسلمين بوضع المسبَّب موضع السبب كما سبق في قوله:(لا يطلبنكم اللَّه من ذمته).
وما وقع في الأحاديث من تسمية العشاء عتمة محمول على ما قبل النهي، وقيل: لا كراهة لكثرة وقوعها فيها، وقيل: استعمل لبيان الجواز، أو يكون النهي عن إطلاقه في أغلب الأحوال لا أحيانًا، ومع ذلك الكراهة للتنزيه لا للتحريم، وسبب الكراهة التشبه بأهل الجاهلية كما يفهم من سوق الحديث، وقيل: قبح لفظه إذ العتمة شدة الظلال، والصلاة هي النور الأعظم.
٦٣٣ - [١٠](علي -رضي اللَّه عنه-) قوله: (يوم الخندق) وهو غزوة الأحزاب فات فيها أربع صلوات منها العصر، وتخصيصها بالتحسر لفضلها، و (صلاة الوسطى) مما يرى من إضافة الموصوف إلى الصفة، وهو متأوَّل، أي: صلاة الساعة الوسطى كما في