للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا كله بالنسبة لمكة المكرمة، وما أتى منها من بين تلك الجهات، يقال لها: النكباء، ثم إن خرجت من بين الجنوب والشرق قيل لها: أزيب بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الياء، وإن خرجت من بين الشمال والغرب قيل لها: جِرْبيا بكسر الجيم وسكون الراء وكسر الباء، وإن خرجت من بين الشمال والشرق، قيل لها: صابية، وإن خرجت من بين الجنوب والغرب، قيل لها: هيف بفتح الهاء، وسكون الياء، وقد جمع النواحي الثمانية بقوله:

صبا ودبور، والجنوب وشمأل ... بشرقٍ وغربٍ والتيمن والضد

ومن بينها النكباء، أزيب جربيا ... وصابية، والهيف خاتمة العد

والريح الهواء المسخر بين السماء والأرض، واصله الروح، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، والجمع أرواح ورياح، وأصل رياح رواح فعل به كما فعل بأصل الريح، والأكثر في الريح التأنيث، وقد تذكر على معنى الهواء.

ولا تنس أن الريح تأتي بمعنى الدولة والقوة، قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا، وتذهب ريحكم} أي دولتكم وقوتكم، شبهت في نفوذ أمرها وتمشيه بالريح وهبوبها، يقال: هبت ريح بني فلان إذا دالت لهم الدولة، ونفذ أمرهم.

المعنى يقول: لم تنمح آثار تلك الديار، لأنها كلما غطتها رياح الجنوب بالتراب، كشفته رياح الشمال عنها، أو بالعكس، وهكذا دواليك، وقد شبه فعل الريحين المتقابلتين بالنسج، وقيل: بل معناه لم يقتصر سبب محوها على نسج الريحين، بل كان له أسباب أخر منها هذا السبب، وهو مر السنين وتساقط الأمطار وغيرها، وقيل: بل معناه لم يعف رسم حبها من قلبي، وإن تعاقبت عليها الريحان، والمعنيان الأولان أظهر من الثالث، أهـ زوزني.

<<  <  ج: ص:  >  >>