للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعرفهُ الخائضُ في هذا الشأن، وترجم على كل حديثٍ بما قد استنبط منه عالم، وذهب إليه ذاهب، ولذلك صرَّح الغزالي وغيره بأن كتابه كافٍ للمجتهد.

وأما الترمذي: فكأنَّه استحسنَ طريقة الشيخين حيث بَيَّنا، وما أبهما، وطريقةَ أبي داود حيث جمع كلَّ ما ذهب إليه ذاهب، فجمع كلتا الطريقتين، وزاد عليهما بيانَ مذاهب الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، فجمع كتابًا جامعًا، واختصر طرقَ الحديث اختصارًا لطيفًا، فذكر منها واحدًا، وأومأ إلى ما عداه، وبيَّن أمر كل حديث مِن أنه صحيح أو حسن أو ضعيف أو منكر، وبيَّنَ وجهَ الضعف، ليكون الطالبُ على بصيرةٍ من أمره، فيعرفَ ما يَصْلُحُ للاعتبار وما لا يصلح، وذكَر أنه مستفيضٌ أو غريبٌ، وذكَر مذاهبَ الصحابة وفقهاءِ الأمصار، وسمَّى من يحتاج إلى التسمية، وكنَّى من يحتاج إلى الكنية، ولم يَدَع خفاءً لمن هو من رجال العلم، ولذلك يُقال: إنه كافٍ للمجتهد، مُغْنٍ للمقلِّد.

وأما النسائي: فقد اعتنى بكثرة الطرق، واختلاف الناقلين، قال فيه أبو عبد الله بن رُشَيد (١): كتابُ النسائي أبدعُ الكتب المصنفة في


(١) فيما نقله عنه الحافظ في "النكت على ابن الصلاح" ١/ ٤٨٤، والسيوطي في مقدمة "زهر الربى على المجتبى"، وابن رشيد هذا هو محمد بن عمر بن محمد بن عمر الفهري السَّبتي، مهر في الحديث وله فيه مؤلفات مفيدة، توفي بفاس سنة ٧٢١ هـ. مترجم في "الدرر الكامنة" ٥/ ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>