للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السنن تصنيفًا، وأحسنُها ترصيفًا، وكأنَّ كتابه جامعٌ بين طريقتي البخاري ومسلم مع حظ كبير من بيان العلل، وفي الجملة فكتابُ النسائي أقلُّ الكتب بعد الصحيحين حديثًا ضعيفًا، ورجلًا مجروحًا.

وقال ابن خلدون في تاريخه ١/ ٧٩٣: قد استدرك الناسُ على البخاري ومسلم، ثم كَتَبَ أبو داود السِّجستانيُّ وأبو عيسى الترمذيُّ وأبو عبد الرحمن النسائيُّ في السنن بأوسعَ من الصحيح، وقصدوا ما توفرت فيه شروطُ العمل، إما مِن الرتبةِ العالية فىِ الأسانيد وهو الصحيح كما هو معروف، وإما من الذي هو دونَه من الحَسَنِ وغيرِه، ليكون ذلك إمامًا للسنةِ والعمل، وهذه هي الأسانيدُ المشهورة في المِلَّة، وهي أمهاتُ كُتُبِ الحديث في السنة، فإنها وإن تعددت ترجِعُ إلى هذه في الأغلب.

وقال أبو جعفر بن الزبير (١) في المقارنة بين هذه الكتب الخمسة: أولى ما أُرْشِدُ إليه ما اتَّفَقَ المسلمون على اعتماده، وذلك الكتبُ الخمسة، و"الموطأ" الذي تقدَّمَها وضْعًا، ولم يتأخر عنها رُتبةً، وقد اختلفت مقاصِدُهُم فيها، وللصحيحين فيها شُفُوف، وللبخاري لمن أراد التفقُّه مقاصدُ جميلةٌ، ولأبي داود في حصر أحاديثِ الأحكام واستيعابِها ما ليسَ لغيره، وللترمذي في فنون الصناعة الحديثية ما لم يُشارِكْه غيره، وقد سلك النسائي أغمضَ تلك المسائل وأجلَّها.


(١) فيما نقله عنه السيوطي في مقدمة "زهر الربى على المجتبى"، وأبو جعفر بن الزبير هو صاحب "صلة الصلة" مترجم في "طبقات علماء الحديث" ٤/ ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>