للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَأَلْتُ عبدَ الله بنَ عبد الرحمن (١): أَيُّ الرِّوايَاتِ في هذا عن أبي إِسحاق أَصَحُّ؟ فلم يَقْض فيه بشيءٍ.

وسأَلتُ محمدًا (٢) عن هذا، فلَمْ يَقْضِ فيه بشيءٍ، وكأَنَّه رَأَى حديثَ زهيرٍ، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأَسود، عن أبيه، عن عبد الله أَشبَهَ، ووَضَعَه في كتاب "الجامع" (٣).

وأَصَحُّ شيءٍ في هذا عندي حديثُ إسرائيلَ وقيسٍ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي عُبيدةَ، عن عبد الله، لأنَّ إسرائيلَ أثبتُ وأحفظُ لحديث أبي إسحاق من هؤلاءِ، وتابَعَه على ذلك قيسُ بن الرَّبيعِ.


= يحيى ابن سعيد لا يرضى أن على أن هذا مما لم يدلس فيه أبو إسحاق، قال: لأن يحيى بن سعيد لا يرضى أن يأخذ عن زهير ما ليس بسماع لشيخه، وكأنه عرف هذا بالاستقراء من حال يحيى، والله أعلم.
وإذا تقرر ذلك لم يبق لدعوى التعليل عليه مجال، لأن روايتَي إسرائيلَ وزهير لا تعارض بينهما، إلا أن رواية زهير أرجح، لأنها نفت الاضطراب عن رواية إسرائيل، ولم تنف ذلك رواية إسرائيل، فترجحت رواية زهير، وأمَّا متابعة قيس بن الربيع لرواية إسرائيل، فإن شريكًا القاضي تابع زهيرًا، وشريك أوثق من قيس. على أن الذي حررناه لا يرد شيئًا من الطريقين، إلا أنه يوضح قوة طريق زهير واتصالها وتمكنها من الصحة، وبُعد إعلالها، وبه يظهر نفوذ رأي البخاري وثقوب ذهنه، والله أعلم، وقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة ما يشهد لصحة حديث ابن مسعود، فازداد قوة بذلك.
قلنا: كلام الحافظ بطوله مأخوذ من "شرح الترمذي" لابن سيد الناس بتصرف.
(١) هو الحافظ أبو محمد الدارمي، صاحب "السنن"، المتوفَّى سنة ٢٥٥ هـ.
(٢) هو الإمام جبل الحفظ، محمد بن إسماعيل البخاري، المتوفَّى سنة ٢٥٦ هـ.
(٣) أي: "الجامع الصحيح"، وهو فيه برقم (١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>