للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غابَ معي".

فقامَ سعدُ بنُ معاذٍ فقال: ائْذَنْ لي يا رسولَ اللهِ أنْ أضْرِبَ (١) أعناقَهُمْ، وقامَ رجلٌ من الخَزْرَجِ وكانت أمُّ حَسَّانَ بن ثابتٍ من رَهْطِ ذلكَ الرَّجلِ، فقال: كَذَبْتَ، أما واللهِ أنْ لو كانوا من الأوسِ ما أحبَبْتَ أنْ تُضْرَبَ أعناقُهُم، حتَّى كادَ أن يكونَ بينَ الأوسِ والخَزْرَجِ شَرٌّ في المسجِدِ وما عَلِمْتُ بهِ.

فلمَّا كان مساءُ ذلكَ اليومِ، خَرَجْت لبعضِ حاجَتِي ومَعِي أمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ، فقالت: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فقلتُ لها: أيَّ أمٍّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟! فسَكَتَتْ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيةَ، فقالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فقلتُ لها: أيَّ أمٍّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟! فسَكَتَت، ثمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ فقالتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فانْتَهَرْتُها، فقلتُ لها: أيَّ أمٍّ تَسُبِّينَ ابنكِ؟! فقالتْ: واللهِ ما أسُبُّهُ إلا فِيكِ، فقلتُ: في أيِّ شأني؟ قالت: فبَقَرَت لي الحديثَ (٢)، قلتُ: وقد كان هذا؟ قالت: نعم.

واللهِ لقد رَجَعْتُ إلى بيْتي وكأنَّ الذِي خَرَجْتُ لهُ لم أخْرُجْ، لا أجِدُ منه قليلًا ولا كثيرًا، ووُعِكْتُ، فقلتُ لرسولِ اللهِ : أرْسِلْني إلى بيتِ أبي، فأَرْسَلَ مَعِي الغُلامَ، فدَخَلتُ الدَّارَ، فوَجَدْتُ أمَّ رُومَانَ في السَّفْلِ، وأبو بكرٍ فوقَ البيتِ يَقْرأ، فقالت


(١) المثبت من (س)، وفي (أ) و (د): نضرب.
(٢) قولها: "فبقرت لي الحديث" بفتح الباء والقاف، قال في "النهاية": أي: فتَحَتْه وكشَفَتْه.

<<  <  ج: ص:  >  >>