للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمِّي: ما جاءَ بكِ يا بُنَيَّةُ؟ قالتْ: فأخْبَرْتُها، وذَكَرْتُ لها الحديثَ، فإذا هو لم يبلُغْ مِنْها ما بَلَغَ مِنِّي، قالت: يا بُنيَّةُ خَفِّفي عليك الشّأْنَ، فإنَّهُ واللهِ لَقَلّما كانتِ امرأةٌ حَسْناءُ عِنْدَ رجلٍ يُحِبُّها، لها ضَرائرُ إلا حَسَدْنَها وقِيلَ فيها، فإذا هي لمِ يَبْلُغْ منها ما بَلَغَ مِنِّي، قالتْ: قلتُ: وقد علمَ بهِ أبي؟ قالت: نَعَمْ، قلتُ: ورسولُ اللهِ ؟ قالت: نعمْ، واستَعْبَرْتُ فبَكَيْتُ، فسَمِعَ أبو بكرٍ صوتِي وهو فوقَ البيتِ يَقْرَأ فنَزَلَ، فقال لأُمِي: ما شَأنُها؟ قالت: بَلغَها الذي ذُكِرَ من شأنِها، ففَاضتْ عَيْناه، فقال: أقْسَمْتُ عليكِ يا بُنَيَّةُ إلّا رَجِعْت إلى بَيْتكِ، فرَجَعْتُ.

ولقد جاءَ رسولُ اللهِ إلى بَيتِي، فسَألَ عَنِّي خَادِمي، فقالت: لا واللهِ ما عَلِمْتُ عليها عَيبًا إلَّا أنَّها كانت تَرْقُدُ حتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فتأكُلَ خَميرتَها أو عَجينَها، وانتَهَرَها بعضُ أصحابِه، فقال: اصْدُقي رسولَ الله ، حتَّى أسْقَطوا لها به (١)، فقالت: سُبحانَ الله! واللهِ ما عَلِمتُ عليها إلَّا ما يَعْلَمُ الصَّائِغُ على تِبْرِ الذَّهَبِ الأحْمرِ، فبَلَغَ الأَمْرُ ذلكَ الرَّجلَ الذي قيْل له، فقال: سُبحانَ الله، واللهِ ما كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ (٢)، قالت: عائشةُ:


(١) أي: سبُّوها وقالوا لها من سقط الكلام، وهو رديئُه بسبب حديث الإفك، قاله في "النهاية".
(٢) قوله: "كنف أنثى" يجوز أن يكون بالكسر من الكِنْف، وبالفتح من الكَنَف، وهو الجانب والناحية، ومعناه أنه لم يقرب أنثى قطُّ حرامًا، وقيل: كان حصورًا. انظر "النهاية" لابن الأثير و"عارضة الأحوذي" لابن العربي ١٢/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>