صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ فقال لِي: واعجَبًا لكَ يا ابنَ عَبَّاسٍ! قال الزُّهريُّ، وَكَرِهَ وَاللهِ ما سَألهُ عَنهُ ولم يكتُمْهُ، فقال: هي عَائشةُ وَحَفصةُ، قال: ثُمَّ أنشأ يُحدِّثُني الحديثَ فقال:
كُنَّا مَعشرَ قُرَيشٍ نَغلِبُ النِّساءَ، فَلمَّا قَدِمنا المَدِينةَ وجَدنا قَومًا تَغلِبُهم نِساؤهُم، فَطفِقَ نِساؤُنا يَتعلَّمنَ من نِسائِهِم، فتغضَّبتُ يومًا على امرَأتي، فإذا هي تُراجِعُني، فأنكرتُ أنْ تُراجِعَني، فقالت: ما تُنكِر من ذلكَ؟ فواللهِ إنَّ أزواجَ النبيِّ ﷺ لَيُراجعنهُ وَتهجُرُهُ إحداهُنَّ اليَومَ إلى اللّيلِ. قال: فقُلتُ في نَفسي: قد خَابت من فَعلَتْ ذلكَ مِنهُنَّ وخَسِرَت.
قال: وكانَ مَنزلي بالعوَالي في بَني أُمَيَّةَ، وكان لي جارٌ من الأنصارِ، كُنَّا نَتناوبُ النُّزولَ إلى رَسولِ اللهِ ﷺ، قال: فَينزلُ يَومًا، فَيأْتِيني بخَبرِ الوَحي وغَيرِهِ، وأنزلُ يومًا فآتِيهِ بمِثلِ ذلكَ.
قال: فكُنَّا نُحدَّثُ أنَّ غسَّانَ تُنعِلُ الخَيلَ لِتَغزُوَنا. قال: فجاءَني يَومًا عِشَاءً، فَضربَ عَليَّ البابَ، فخرَجتُ إلَيهِ، فقال: حَدَثَ أمرٌ عَظيمٌ. قُلتُ: أجاءَت غَسَّانُ؟ قال: أعظمُ من ذلكَ، طَلَّقَ رَسولُ اللهِ ﷺ نِساءَهُ. قال: قُلتُ في نَفسي: قد خَابَتْ حَفصةُ وخَسِرَتْ، قد كُنتُ أظُنُّ هذا كائِنًا.
قال: فَلمَّا صَلّيتُ الصُّبحَ شَددتُ عَليَّ ثِيابي، ثُمَّ انطَلقتُ حتَّى دَخَلتُ على حَفصةَ، فإذا هي تَبكِي، فَقُلتُ: أطَلَّقكُنَّ رَسولُ اللهِ ﷺ؟ قالت: لا أدرِي، هو ذا مُعتزِلٌ في هذه المَشرُبَةِ قال: