فانطلقتُ فأتَيتُ غُلامًا أسودَ، فَقُلتُ: استأذِن لِعُمرَ، قال: فَدخلَ ثُمَّ خَرجَ إلَيَّ، قال: قد ذَكَرتُكَ لهُ فلم يَقُل شَيئًا. قال: فانطَلقتُ إلى المَسجدِ فإذا حَولَ المِنبرِ نَفرٌ يَبكونَ فجلستُ إلَيهم، ثُمَّ غَلبَني ما أجدُ، فأتَيتُ الغُلامَ فَقُلتُ: استأذِن لعُمرَ، فَدخلَ ثُمَّ خَرجَ إلَيَّ، قال: قد ذَكرتُكَ لهُ فلم يَقُل شَيئًا، قال: فانطلقتُ إلى المَسجدِ أيضًا فَجَلستُ، ثُمَّ غَلَبني ما أجدُ، فأتَيتُ الغُلامَ، فَقُلتُ: استأذِن لِعُمرَ، فَدخلَ ثُمَّ خَرجَ إلَيَّ فقال: ذَكَرتُكَ لهُ فلم يَقل شَيئًا. قال: فَوَلَّيتُ مُنطلقًا، فإذا الغُلامُ يَدعُوني، فقال: ادخُل فقد أُذِنَ لكَ.
قال: فَدخلتُ فإذا النبيُّ ﷺ مُتَّكِئٌ على رَمْلِ حَصيرٍ، فَرأيتُ أثَرهُ في جَنبهِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أطلَّقْتَ نِساءَكَ؟ قال:"لا". قُلتُ: اللهُ أكبرُ، لو رَأيتَنا يا رَسولَ اللهِ وكُنَّا مَعشرَ قُرَيشٍ نَغلِبُ النِّساءَ، فَلمَّا قَدِمنا المَدِينةَ وَجَدنا قَومًا تَغلِبُهم نِساؤُهُم، فَطفقَ نِساؤُونا يتعلَّمنَ من نِسائِهم، فَتغضَّبتُ يَومًا على امرَأتي فإذا هي تُراجِعُني، فأنكرتُ ذلكَ، فقالت: مَا تُنكِرُ؟ فواللهِ إنَّ أزواجَ النبيِّ ﷺ لَيُرَاجِعنهُ وَتَهجُرُه إحداهُنَّ اليَومَ إلى اللَّيلِ، قال: فَقُلتُ لحَفصةَ: أتُراجِعينَ رَسولَ اللهِ ﷺ؟ قالت: نَعَم، وَتَهجُرُه إحدانا اليَومَ إلى اللَّيلٍ، قال: فَقُلتُ: قد خَابت من فَعلت ذلكَ مِنكُنَّ وخَسِرَتْ، أتأمَنُ إحداكُنَّ أن يَغضبَ اللهُ عَليها لِغَضب رَسول الله ﷺ فإذا هي قد هَلكَتْ؟ فَتبسَّمَ النبيُّ ﷺ. قال: فَقُلتُ لِحَفصةَ: لا تُراجِعي رسولَ الله ﷺ ولا تَسأليهِ شَيئًا وسَلِيني ما بَدَا لكِ، ولا يغرَّنَّكِ أن كَانَت صاحِبتُكِ أوسَمَ مِنكِ وَأحَبَّ إلى رَسولِ اللهِ ﷺ.