للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه هي المهمةُ التي أناطها اللهُ بالنبي ، حيث جعلَه اللهُ تعالى موضعَ الإبانةِ عن كتابه، فقال: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]، وقال: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [النحل: ٦٤]، فكان رسولُ الله هو المُبَيِّنَ عن اللهِ ﷿ أمرَه، وعن كتابه معاني ما خُوطب به الناسُ وما أراد اللهُ ﷿ به، وعنى فيه، وما شَرَعَ مِن معاني دينه وأحكامهِ وفرائضِه وموجباتهِ وآدابهِ ومندوبه، وسُنَنهِ التي سنَّها، وأحكامهِ التي حكم بها، وآثارِه التي بثَّها، فلبث بمكةَ والمدينة ثلاثًا وعشرين سنة يُقيمُ للناسِ معالم الدين، يَفْرِضُ الفرائض، ويسُنُّ السنَنَ، ويُمضي الأحكامَ، ويُحرم الحرامَ، ويُحِلُّ الحلالَ، ويُقيمُ الناسَ على منهاجِ الحق بالقول والفعل (١).

فكانت أحاديثُه القوليةُ منها والفعلية والتقريرية تفصيلًا لمجمل القرآن، وتفسيرًا لمتشابهه، وبسطًا لمختصره، وتقييدًا لمطلقه، وتخصيصًا لعامِّه، وشرحًا لأحكامه، وكان هذا كُلُّه هو الحكمةَ التي نصَّ عليها الله حين وصفَ رسالةَ نبيه بقوله ﷿: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [البقرة: ١٢٩].

وقد أشار إلى ذلك الإمامُ الشافعي رحمه الله تعالى، فقال (٢): فذكر اللهُ الكتابَ وهو القرآنُ، وذكر الحكمةَ، فسمعتُ مَنْ أرضى


(١) مقتبس من مقدمة "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي.
(٢) في كتابه "الرسالة" ص ٧٨ - ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>