مِن أَهْلِ العلمِ بالقرآن يقولُ: الحكمةُ سنةُ رسولِ الله. وهذا يُشبه ما قال، والله أعلم، لأنّ القرآن ذُكِرَ، وأُتبِعَتْه الحِكْمَةُ، وذكر اللهُ مَنَّهُ على خلقه بتعليمهم الكتابَ والحكمة، فلم - يَجُز والله أعلم - أن يُقال الحكمةُ ها هنا إلا سُنَّةُ رسول الله، وذلك أنها مقرونة معَ كتاب الله، وأنَّ الله افترض طاعةَ رسوله، وحتَّم على الناس اتباعَ أمره، فلا يجوزُ أن يُقال لقولٍ: فَرْضٌ إلا لكتابِ الله، ثم سنةِ رسوله، لما وصفنا من أنَّ الله جعل الإيمانَ برسوله مقرونًا بالإيمان به، وسنةُ رسول الله مُبيِّنةٌ عن الله معنى ما أراد دليلًا على خاصِّه وعامِّه، ثم قرنَ الحكمةَ بها بكتابه، فأتبعها إياه، ولم يجعل هذا لأحدٍ من خلقه غيرِ رسوله. اهـ.
قلنا: ولهذا فقد فرض اللهُ تعالى على عباده طاعةَ رسوله، لأنها من طاعته ﷾، وبيَّن اللهُ ذلك في مواضعَ عديدةٍ من كتابه أنَّ العملَ بما جاء به رسولُ الله هو عملٌ بما جاء من عند الله، فقال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [النساء: ٥٩].